مفهوم التنوع الحيوي

  مفهوم التنوع الحيوي :                                                                                                    إعداد شعبة التنوع الحيوي وإدارة المحميات البيئية ، م .طارق هنيدي

أولاً:  ما معنى كلمة مفهوم ؟ وما الفرق بينها وبين كلمة مصطلح ؟!

–        كلمة مفهوم  CONCEPT تستخدم للدلالة على ما تعارف عليه العلماء في مكان جغرافي وزماني معين عند تناولهم لشيء أو ظاهرة ما وتستخدم دائماً مع الأشياء المعنوية وغير الملموسة التي يمكن أن تتباين الآراء حولها مثل السعادة والحب و الجمال و الشرف .

–        كلمة مصطلح  TERM للدلالة على الأشياء الملموسة أو التي لا نجد خلافاً بشأنها مثل الأشياء أو الظواهر الطبيعية }القمر – الشمس- المطر أو العمليات الكيميائية مثل التركيب الضوئي{.

ثانياً: مفهوم التنوع الحيوي BIODIVERCITY :

هناك عددت تعاريف تناولت التنوع الحيوي من عدة جهات علمية لكن التعريف الأكثر شيوعاً هو:

عبارة عن مجموع الكائنات الحية نباتية كانت أم حيوانية و أحياء دقيقة تعيش على سطح الكرة الأرضية سواء في البحر أعلى اليابسة أو في الهواء  برية كانت أو مستأنسة  إضافةً إلى ما تحمله هذه الكائنات من مورثات تساهم في سلامة نمو واستمرار هذه الأنواع إضافةً إلى استقرار النظم البيئية التي تعيش بها هذه الأنواع .

–        تعريف آخر :

مجموع أنواع الكائنات و المتعضيات الحية التي تحيا وتعيش على سطح كوكب الأرض وهي تمتد على كامل سلم التصنيف الإحيائي بدءاً من أدناها في التطور كالفيروسات و الجراثيم من الكائنات الدقيقة إلى أعلاها في التطور مثل الثديات و النباتات الراقية.

 

–        تضيف اتفاقية التنوع الحيوي تنوع الجينات و توزعها في جميع الكائنات المتعضية باعتبار أن سر الحياة وجوهرها يتجلى بمعجمها الوراثي الجيني العظيم الذي هو DNA  وما يحتويه من مليارات الرموز الوراثية التي تضمن سلامة و استمرار الحياة .

–        باختصار : التنوع الحيوي يعرف بأنه الحياة بكل أبعاده على الأرض

 

ثالثاً:أقسام التنوع الحيوي:

يقسم التنوع الحيوي إلى ثلاثة مستويات :

1.      تنوع الأنظمة الإيكولوجية (البيئية )Ecosystem diversity: له دور في الحفاظ على الأنظمة المنضبطة و المتباينة الداعمة للحياة }يقصد به مدى تعداد المواطن البيئية و التجمعات الحيوية و الدورات البيئية كأن يشمل ذلك التركيب العمري للتجمعات الحية أو التغير في قوام المجتمع الحيوي أو العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية كالافتراس و التطفل و التعايش{.

2.      تنوع الأنواع الحيةSpecies diversity  : يقصد به ليس فقط وفرة الأنواع بل الأهمية النسبية لكل نوع بالنسبة للأنواع الأخرى.تكمن أهميته في كونه مصدراً للاكتشافات المتواصلة للأدوية العشبية الجديدة و الزيوت و الأصباغ.

3.      تنوع المورثات (التنوع الوراثي)Genetic diversity: يقصد به مجموع المورثات المتواجدة ضمن الأفراد الحية للنوع الواحد أو الأنواع المختلفة  و عموماً هو ضروري للمستويين السابقين وذلك لضمان قدرتهما على التكيّف مع الأوضاع البيئية الجديدة مثال نجد الموارد الجينية التي مصدرها النباتات الاستوائية قد حافظت على محاصيل تجارية مثل الموز و البن و الكاكاو وعلى العموم نجد تنوع وراثي كبير في المصادر الوراثية بينما يكون منخفض في الأنواع الهجينة عزل صفات وتثبيت صفات أخرى

 

كما يقسم التنوع الحيوي من وجهة نظر عامة إلى :

1.      التنوع الحيوي البري:Terrestrial diversity  ويهتم بدراسة الكائنات الحية التي تعيش على اليابسة.

2.      التنوع الحيوي البحري: ويهتم بدراسة تنوع الكائنات الحية البحرية و الأوساط المرافقة كمصبات الأنهار و البحيرات الشاطئية و الجزء الشاطئي الرطب.

3.      التنوع الحيوي الزراعي Agro biodiversity: ويدرس تنوع النباتات و الحيوانات الزراعية ووضع هذه الأنواع في فرع مستقل نظراً لمساهمتها في تحقيق الأمن الغذائي على اعتبار أن التنوع الحيوي الزراعي هو مصدر كل شيء للإنسان إلى جانب مساهمته في استقراره و توازنه الطبيعي.

4.      التنوع الحيوي في الماء العذبFresh water diversity : ويهتم بدراسة تنوع الكائنات الحية التي تعيش في المياه العذبة كالجداول و الأنهار و البحيرات و السدود و المستنقعات و الأراضي الرطبة.

 

·       التنوع الحيوي في سوريا : لمحة سريعة

سكن الإنسان سوريا منذ القديم وأسس عليه العديد من الحضارات  على ضفاف الفرات أو على الجبال الساحلية أو الداخلية و في الصحراء في الواحات (تدمر) فدجن النباتات كمحاصيل زراعية مستفيداً منها في التغذية و استأنس الحيوانات البرية فقد كان نشاط الإنسان  آنذاك محدوداً حيث كانت أعداد البشر قليلة واحتياجاته قليلة فقد كان الإنسان يسكن عالم الطبيعة وتعتبره الطبيعة جزءاً منها لذلك كانت قادرة على معالجة أي أثر ينتج عن الإنسان من صيد أو قطع أو رعي لكن كما أسلفنا فقد زادت أعداد البشر وزاد الضغط على الموارد الطبيعية وأخذت التجمعات البشرية تتوسع على حساب المسكن الطبيعي للكائنات الحية النباتية و الحيوانية فضلاً عن الصيد الجائر وقطع مساحات واسعة من الأراضي الحراجية وكسر الأراضي الرعوية فقد تراجعت المساحات الخضراء التي كانت تغطي 30% من سوريا- يقال أن هارون الرشيد كان يسير من بغداد إلى الرُصافة وهو موقع بالقرب من الرقة الآن ولا يرى نور الشمس و هي كناية عن كثافة الأشجار في تلك المنطقة ……و الآن!! فأصبحت لا تتعدى 2.5% من المساحة – فقد سرقت الكنوز الخضراء التي كانت تتزين بها سوريا عن طريق  الحملات الاستعمارية الهمجية التي حملت شعار الإعمار و التقدم و الحرية .

لم تقتصر الخسارة على الغابات و المراعي بل على الحيوانات البرية فقد تراجعت أعداد الغزال العربي Gazella Gazella التي كانت قطعانه تجوب بادية الشام لم يبقى من سوى بعض الأفراد التي تشاهد بين الحين و الآخر على المناطق الحدودية ويعتبر الغذاء الرئيسي للسكان كما سجلت آخر مشاهدة للأسد الفراتي في عشرينيات القرن الماضي، وكذلك الدب البني السوري  Ursus arctos syriaus، والنمر العربي Panthera  padustulliana ، والضبع السوري المخطط Hyaena hyaena ، والسلحفاة البحرية ، واختفت الفقمة Monchus monchus عن الشواطئ السورية و اللبنانية، و انقرض الحمار السوري حيث لا يوجد منه سوى بعض الأفراد في محمية الشومري بالمملكة الأردنية الهاشمية عن طريق الاستيراد (كندا و أمريكا)، و المها العربية يوجد قطيع في محمية التليلة بتدمر ومحمية الشومري ووادي رم بالأردن و سلطنة عمان .

لكن الجمهورية العربية السورية تنبهت إلى الخطر المحدق ببيئتها ومواردها الطبيعية فقد وقعت على اتفاقية التنوع الحيوي عام 1995 ولو في وقت متأخر.

 

داخل التنوع الحيوي